..ويعود الحديث إلى المجادلين في آيات الله ،المتعنِّتين في كلامهم ،الجامدين في عقولهم ،المتمرّدين في مواقفهم ،المنحرفين في طريقهم ،لأن مشكلتهم هي أنهم يقفون حاجزاً بين الرسالة وبين الناس الآخرين ،فيكذبونها من دون حق ،ويدفعون الآخرين إلى التكذيب بها من دون أساس ،باعتماد أساليب الترغيب والترهيب ،واللعب على المشاعر ،والالتفاف على العواطف والغرائز ،وينطلق الحديث عن الأجيال الماضية التي عاشت انحراف هؤلاء وشاركتهم فيه ،وعن الأنبياء الماضين الذين عاشوا هذه الصدمة في حركة رسالتهم ،وعن النبي محمد( ص ) وما كان يعيشه من ذلك ،وكيف أراد الله للرسل جميعاً ،وللرسول بالخصوص ،أن يصبروا ،وينتظروا النصر في نهايات الأمور ،إذا هاجمتهم المشاكل في بداياتها ،وعن مصير هؤلاء في الآخرة في جهنم حيث يذوقون العذاب والذلّ والاحتقار .
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ} فيخوضون الأحاديث الخالية من مضمونٍ فكريٍّ ،والتي تنكر التوحيد والبعث وكثيراً من حقائق الشريعة والإيمان بغير علم ،{أَنَّى يُصْرَفُونَ} عن الحق ،ويبتعدون عن دلائله وبراهينه ،فلا يدرسونها من موقع الفكر الباحث عن الحقيقة ،بل يتحركون فيها من موقع الجدل العقيم الباحث عن أسس المكابرة .