هذه هي بعض الأفكار التي كان الجاهليون المتخلفون يثيرونها في عقائدهم وتصوراتهم عن الله ،وفي منهجهم الذي يركزون عليه انتماءهم العقيدي في حياتهم ،مع الالتفات إلى الأفكار الرسالية التي تواجه ذلك كله .
{وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا} أي ولداً باعتبار أن الولد جزءٌ منفصلٌ عن والده بطريقة التوالد المعروفة .
{إِنَّ الإنسَانَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ} فهو يكفر بالحقيقة الإلهية التي لا يمكن أن تقبل التجزُّؤ كي ينفصل جزءٌ من الله ليكون ولداً له ،والحقيقة الإلهية تمثل البساطة بكل معانيها والوحدة بكل أبعادها ،والغنى بكل مجالاته ،ولكن سيطرة التخلّف على العقل توحي له بتصوراتٍ لا أساس فكرياً لها عندما يقيس الله بخلقه وينسب إليه ما ينسب إليهم .
ولم يقف الأمر عند هذا الحد ،بل نسبوا إلى الله البنات ،فقالوا إن الملائكة بنات الله ،بينما يرون للبنين قيمةً وميزةً وشرفاً لا يرونه للبنات ،فكيف اتّفق لهممن خلال مفهومهم هذاالوصول بتفكيرهم إلى أن ينسبوا لله ما هو دون القيمة المثلىبقطع النظر عما إذا كان ذلك صحيحاً أو غير صحيحمع أن التصوّر الدقيق لله الذي يعتقدون ألوهيته وسيطرته على الكون عبر خلقه له ،وتدبير نظامه ،يفرض أن يكون المثل الأعلى والقيمة الكبرى .