{وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ} فقد جعل الله لكم من الشمس والقمر والنجوم والرياح والمطر والأرض التي تنتج الغذاء والحيوان الذي هيّأ لكم وسائل السيطرة عليه ،والانتفاع به في مختلف المنافع ،من الركوب والشراب والأكل ونحوها وغير ذلك مما لا يمكن إحصاؤه من نعم الله المتناثرة في الكون كله ،التي لولاها لما تمكن الإنسان من الاستمرار في الحياة ،فمنه كان الخلق ،ومنه كان العطاء ،ومنه كانت الرحمة التي امتدت بذلك كله في حركة الوجود .
{إِنَّ فِى ذَلِكَ لآياتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} فلا يمرّون بهذه الأشياء عندما يشاهدونها أو يتقلبون فيها ،أو يتنعمون بها ،مروراً عابراً ،بل يتوقفون عندها ،ليتأملوا فيها تأمّلاً عميقاً ،وليدرسوا خصائصها وأسرارها ،وطبيعة القدرة الإلهية وحركة الرحمة فيها ..ما يدفعهم للإيمان بالله من خلالها من موقع عظمته ونعمته ورحمته ..وفي هذه الفقرة ،كغيرها من الفقرات المماثلة ،إيحاءٌ عميقٌ بأن الفكر هو الذي يقود إلى الإيمان بالله ،عند انطلاقه في خط المعرفة الذي يفتح للناس طريق الوعي والإيمان ،في مقابل الجهل الذي يؤدي بهم إلى الغفلة والضلال .