{فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ} وتحمّلتم الموقع المميز في حياة الأمة الذي يمكّنكم من السيطرة على الناس{أَن تُفْسِدُواْ فِي الأرْضِ} في ما تأخذون به من الخطوط المنحرفة ،من الخيانة للعهد ،والابتعاد عن الصدق ،والانفتاح على الشر ،{وَتُقَطّعُواْ أَرْحَامَكُمْ} لأن العلاقة بالأرحام ،كما الإصلاح في الأرض ،هي مسألة صدقٍ في الكلمة والعلاقة والموقف ،فإذا لم تعيشوا ذلك من ناحية المبدأ ،فكيف يمكن أن لا تكونوا من المفسدين والقاطعين للأرحام ؟وكيف لا يتوقع منكم ذلك ،لأن التوقعات تتبع العنوان البارز للشخصية الأخلاقية سلباً وإيجاباً ؟
وقيل: إن المراد بالتولّي في قوله:{إِن تَوَلَّيْتُمْ} الإعراض عن كتاب الله والعمل بما فيه ،ومنه الجهاد في سبيل الله ،أي هل يتوقع من إعراضكم إلا الإفساد في الأرض ،والقطيعة للأرحام ،وذلك بسفك الدماء ونهب الأموال ،وهتك الأعراض ،تكالباً على جيفة الدنيا ؟
وربما كان الأظهر هو الوجه الأول ،للتطابق بين معنى الولاية وبين الإفساد في الأرض بحسب المتبادر من الكلمة ؛والله العالم .