{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُواْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ} من قرآنه وشريعته ونهجه في تنظيم حياة الإنسان ،لأنه لا يتفق مع مزاجهم الشهواني ،ومع امتيازاتهم الذاتية أو الطبقية ،ومع انفعالاتهم العصبية التي نشأوا عليها بفضل قيم الكفر والشرك ،حتى أصبحت من ذاتياتهم الشخصية المفتوحة على كل آفاق اللذّات والأطماع والشهوات ،والمنغلقة على كل دعوات الأديان والرسالات ،{فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} وأبطلها ،حتى لم يبق منها أيّ شيء ،ولم ينتج عن الجهد المبذول فيها أي ثواب يرجوه العاملون عادة من أعمالهم لا في الدنيا ولا في الآخرة ،فتحوّلت إلى رمادٍ اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون على شيءٍ مما كسبوا .وتلك هي القاعدة التي ترتكز عليها إنتاجية الأعمال الصالحة التي يقوم بها الناس في الدنيا ،فإنّ كل عمل لا ينطلق من الإيمان الداخلي العميق بالله ويمتد إلى الواقع على هذا الأساس ،لا يملك عمقاً في رضى الله ولا امتداداً في قضية المصير ،فلا بدّ من أن ينفتح الإنسان على محبة ما أنزله الله ،ليتجذّر الحب في الوجدان ،ويتجسد حركةً في الواقع ،ليكون عمله صالحاً منتجاً ،وإلاّ كان الإحباط في العمل .