وجاءت الآية لتؤكد على جانب الممارسة ،بعد أن أكدت الآية الأولى على جانب الخط ،{وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ} ويتحرك في خط الولاية الصحيح فيلتزم به ويترك الخط المزيف ،فسيجد كل الخير والهدى والعدل والصلاح والقوّة والغلبة ،في هذا الجانب الَّذي يُمثِّل حزب الله في كل ما يحمل من شعارات ويتجه إليه من أهداف ،وإذا سار النَّاس في هذا الطريق ،وعاشوا الانتماء إلى حزب الله ،فسيكون لهم النصر والغلبة على الآخرين ،{فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} بفكرهم ،وإخلاصهم ،وثباتهم ،وصمودهم ،أمام التحديات الصعبة في الساحة .
لمحة خاطفة عن المناقشات حول الفكرة
كثرت أحاديث المتكلّمين والمفسرين حول دلالة هذه الآية على ولاية الإمام علي( ع ) في ما تعنيه من معنى الحاكميّة الّتي تعطي صلاحيّة التصرّف في شؤون النَّاس ،باعتبار اتحاد المراد من ولاية الله والرسول والذين آمنوا موضوعاً ،لا أنَّ ولاية الله هي بالأصل والتكوين ،وولاية الرسول والَّذين آمنوا بالتبع والجعل .وقد أثير حول ذلك الكثير من الجدل ،بين من ناقش في سند الرِّوايات الّتي دلّت على نزولها في قصة تصدُّق عليّ( ع ) بالخاتم أثناء الصَّلاة ،كابن تيمية الَّذي اعتبرها من الموضوعات مدعياً على ذلك الإجماع ،وبين من أقر صحتها كأكثر المفسرين والمتكلمين والرواة .وناقش بعضهم في دلالتها على النظرية الشيعية في الإمامة وأقرّها البعض الآخر ،وذكر بعضهم في مناقشة الدلالة ،«أنَّ لازمها إطلاق الجمع وإرادة الواحد ،فإنَّ المراد ب{وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ} الخ ،على هذا التقدير هو علي ،ولا يساعده اللغة » .وأجاب عن ذلك صاحب تفسير الميزان: «أنَّه فرَّق بين إطلاق لفظ الجمع وإرادة الواحد واستعماله فيه ،وبين إعطاء حكم كلي أو الإخبار بمعرف جمعي في لفظ الجمع لينطبق على من يصح أن ينطبق عليه ،ثُمَّ لا يكون المصداق الَّذي يصح أن ينطبق عليه إلاَّ واحداً فرداً ،واللغة تأبى عن قبول الأول دون الثاني على شيوعه في الاستعمالات » .وناقش بعضهم بأنَّ لازمها كون المراد بالزكاة هو التصدُّق بالخاتم ولا يسمى ذلك زكاة ،وأجيب عنهكما في تفسير الميزانبأنَّ: «الزكاة من أفراد الصدقة ،وإنما سميت زكاة لكون الصدقة مطهرة مزكية مطلقاً ،وقد غلب استعمالها في الصدقة المصطلحة » .والإطلاقات القرآنية التي تحدثت عن الزكاة في الشرائع السابقة الّتي تختلف عن المعنى المصطلح تؤكد ذلك ،وهناك أبحاث كثيرة مفصلة في كتب التفسير وعلم الكلام ،فليراجعها من أراد ذلك .