{كَانُواْ قَلِيلاً مّن اللّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} فهم في شغلٍ عن النوم ،لاهتمامهم بعبادة الله في هذا الهدوء الساجي الممتد في قلب الظلام الذي تصفو فيه العبادة ،ويحلّق فيه الفكر ،ويرتاح فيه الشعور ،حيث يبحثون في الليل عن الصفاء الروحي يجلسون فيه إلى أنفسهم بين يدي ربِّهم ،ليكتشفوا ،في هذه اليقظة الصافية التي يخيّم عليها الهدوء ،نقاط الضعف والقوّة في داخلهم ،ليعملوا على تجاوز نقاط الضعف وتأكيد نقاط القوة .وبذلك ،فهم على استعدادٍ دائمٍ للتضحية بالراحة التي يجلبها النوم إلى أجسادهم لينفتحوا على آفاق روحية جديدة ،بالبعد عن الضجيج النهاري الذي يُشغل الإنسان عن التأمل في نفسه كما يبعده عن معرفة عمق شعوره وفكره ووجوده .