{وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} في سؤالٍ للنبي وللمؤمنين معه ،عندما كانوا يحدثونهم عن يوم القيامة ،وعن المسؤولية التي تنتظرهم نتائجها السلبية هناك ،على أساس كفرهم وشركهم ...فينقلون السؤال من الموضوع في طبيعته إلى مسألة الموعد المعيّن له ،ليكون الحديث عن الجانب الجزئي من المسألة وسيلةً للابتعاد عن الموضوع في ذاته ،لأنّ أيّ توقيتٍ يجيب النبي به سوف يكون مدعاةً للجدل وللتكذيب ،باعتبار أنه لا يرتكز على أيّة قاعدةٍ حسيّةٍ مادية في مواقعهم ،بل لا بد أنه يتحرك في المستقبل المجهول لديهم ،ما يفسح لهم المجال للكثير من الضوضاء حوله .
ولكن الله علَّم رسوله أن يحدّد لهم الموقف الرسالي الذي لا يريد الرسول أن يبرز فيه كما لو كان عالماً بكل شيء ،مستعداً للدخول في كل التفاصيل ،لأن مهمته ليست هي الحديث عن توقيت هذا الحدث أو ذاك ،لأن هناك من الأمور مما استأثر الله بعلمه ،فهي من غيب الله الذي لم يُظهر عليه أحداً من خلقه حتى الأنبياء ،لأن ذلك ليس جزءاً من رسالاتهم ،باعتبار أن القضية الموكولة إليهم هي أن يوجّه الناس إلى الاستعداد ليوم القيامة ،لا إلى موعدها ،وهذا ما ركزت عليه الآية التالية