{قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الأرْضِ} فأودعكم سطح الأرض عندما خلقكم فيها ،ومهّد لكم سبلها ومكَّنكم من خيراتها ،وحمّلكم مسؤولية عمرانها ،ووجهكم إلى كل مواقع الخير فيها ،وحذّركم من كل مواقع الشرِّ فيها ،وأرادكم أن تعبدوه في وحدانيته ،وأن تطيعوا رسله ،وأن تجعلوا من وجودكم فيها الوسيلة التي تقترب بكم من الله ،لأن مسألة التفاعل المادي بينكم وبين الأرض وما فيها وما عليها ،لا بد من أن يتحوّل إلى نوعٍ من الخضوع المادي لله في الأعمال المتصلة بالروح في ما تمارسونه من الحركة الواعية المنفتحة على الله ،في آفاق الحقيقة الوجودية الأخرى التي تنفتح على الوجود الآخر في يوم القيامة عندما يبعثكم الله إليه بعد موتكم ،{وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} لتواجهوا الحساب عنده وتحصلوا على نتائج المسؤولية بين يديه ،في ما عملتموه من خيرٍ أو شرٍّ .
وإذا كان الله يطلب من النبيّ( ص ) أن يقول لهم عن بعض حقائق الحياة التي تطلّ على بعض حقائق العقيدة ،وهي توحيد الله ،فإن الله يحدثنا عما كانوا يقولونه ويثيرونه من أسئلة للتشويش على الرسول ،وكيف كان النبي( ص ) يجيبهم عن ذلك من دون إحراجٍ أو انفعال .