وهذا حديث عن القرآن الذي أثار المشركون حوله كثيراً من الأحاديث التي أرادت إبعاد القرآن عن أن يكون وحياً من الله من خلال إبعاد النبي عن صفة الرسالة ،ومحاولة التأكيد على صفة الشاعر أو الكاهن في شخصيته ..فكانت هذه الآيات لتقرير الحقيقة الرسولية في صفته ،ولتأكيد الوحي في النص القرآني الذي يقدّمه النبي بصفته الرسولية ،بعيداً عن أيّة صفةٍ أخرى .
{فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ *وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ} من المخلوقات التي قد تشاهدها العين ،وقد لا تشاهدها ،أو من عالم الغيب والشهادة في ما خلقه الله من ذلك .
وربما استفاد البعض من التركيز على{وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ} ،أنها إشارةٌ إلى المخلوقات الدقيقة الموجودة في هوامِّ الفضاء أو في الماء أو في أعماق الأرض ،مما لا يستطيع الإنسان أن يدركها بالبصر ،بل يحتاج إلى استعمال الوسائل التي تكبِّر حجم الأشياء من المناظير المكبِّرة ،مما لم يهتدِ الإنسان إليها إلا بعد اكتشاف هذه الوسائل .ورأى أن الحديث عنها من إعجاز القرآن الذي أشار إلى ما لم يكتشفه الإنسان إلا بعد مئاتٍ من السنين ،من الميكروبات وغيرها من الهوامّ والحشرات .
وقد جرى الحديث عن القَسَم بها لتوجيه الأفكار إلى التعمّق في أسرارها للوصول بذلك إلى عظمة الله .وقد جاء الحديث عن نفي القَسَم بها على أساس أن المسألة لا تحتاج إلى القسم باعتبار أنها حقيقةٌ واضحةٌ .وربما احتمل البعض أن كلمة «لا » زائدة وأن المراد أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون .