{فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً} على كل الكلمات اللاّمسؤولة التي يقصد بها التحدي وإيجاد البلبلة أمام الدعوة ،لإِثارة الاهتزاز في مواقف الرسول والرساليين عندما يقودهم جمود الناس من حولهم إلى الإِحباط ،ما يجعل من الأمر بالصبر الجميل الذي يمثل الموقف الثابت المتمرد على الالام من موقع الوعي ضرورةً حيّةً من ضرورات نجاح الرسالة في الوصول إلى قناعات الناس في نهاية المطاف ،لأن طبيعة الواقع المتحجر الذي تضافرت على تكوينه ظروفٌ معَقدةٌ وأجيالٌ متعاقبة ،جعل من تفجير هذا التحجّر وتذويبه وترويضه مهمّةً صعبةً للرسل وللدعاة .ولا بد لهممن أجل تحقيق النتائج الحاسمة لمصلحة الرسالةمن سعة الصدور ورحابة الأفق والرضى بقضاء الله والالتذاذ بالآلام ،والوعي العميق لكل الأفكار والشكوك والهواجس التي يثيرها الكافرون والمشككون والمعقّدون ،ليقفوا أمامها ويناقشوها بالمنطق العقلي أو بالأسلوب العاطفي ،وبالوسائل النفسية المرِنَة ،للتغلب على كل الصعوبات الواقعية ،حتى يأذن الله بالوصول إلى الهدف الكبير ،وهو انتصار الرسالة ودخول الناس في دين الله أفواجاً .
إن مهمّة الرسول هي أن يؤدي رسالة الله ،ما يفرض عليه أن يكون مزاجه مزاج الرسالة ،وعقله عقلها ،وموقفه بالمستوى الذي يكون في خدمة موقفها ،وما دام هدفه رضى الله ،فلا مشكلة عنده في التمرّد على آلام الذات وأحزان المشاعر .