فرعون الطاغي
{اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} فقد عاش الطغيان الذاتي في استكباره المعقّد الذي جعله يوحي إلى نفسه بأنه في موقع الإله الذي يريد من الناس أن يتعبدوا له ويطيعوه في كل شيء ،كما عاش الطغيان في العلوّ الذي يتطلع من خلاله إلى الناس من فوق ليستضعفهم ويسخّرهم لمصالحه ولأشغاله وأطماعه ،من دون أن يحترم إنسانيتهم ،حتى بلغ به الأمر أنه أمر بذبح أبناء بني إسرائيل واستحياء نسائهم ..وإذ بلغ به الطغيان مثل هذا المستوى ،فإن الله لا يرضى إلا بتغيير الواقع الاجتماعي إلى وضعٍ أفضل ،ما يفرض التحرك نحوه بأية حركةٍ ،كإرسال الرسول ،أو إثارة الواقع من حوله ،ليهتز الطاغية ،فيسقط الطغيان ،لأن الله لا يريد للناس المستضعفين أن يسقطوا تحت تأثير استكبار المستكبرين ،ولا يسمح لهم بأن يعيشوا عقدة الضعف في ذاتهم ،بل يريد لهم أن يتمرّدوا عليها من أجل أن يحصلوا على مواقع القوّة في ما يتوفر لديهم من الفرص الكثيرة في ذلك .
ولعلّ التعبير بالطغيان عن واقع فرعون ،كأساسٍ لحركة الرسالة في خطاب الله لموسى ،يوحي بأن المسألة ليست مجرد الفرد الذي ينحرف في فكره وعمله ،ولكنها مسألة التأثير السلبي على حياة الناس في ما يمثله الطغيان من معنى يتعلق بالناس لجهة ما يثيره من مشاكل في حياتهم .