كيفية مواجهة المؤمنين والمنافقين لنزول السورة
وهذا هو أحد الأساليب التي كان يمارسها المنافقون في التهوين من شأن القرآن وإبطال أثره في نفوس الناس ،ومحاولة الإيحاء لهم بأنه لا يمثل شيئاً في موضوع التنمية الروحية والتوعية الإيمانية ،لأنه كلامٌ عادِيٌّ ،تماماً كأيّ كلام آخر من كلام المخلوقين ،وذلك من أجل إقناعهم بأنه ليس وحياً إلهيّاً في ما يعنيه الوحي من أسرار خارقةٍ للعادة من خلال ما يقتضيه من نتائج غير طبيعية على مستوى التغيير والتأثير .
السورة تزيد المؤمنين إيماناً
{وَإِذَا مَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ} على النبيّ على ملأٍ من الناس ،وقفوا أمامها واجتمعوا عليها في عمليّة استعراضيةٍ للتشكيك ،ليطرحوا السؤال على بعضهم البعض أمام الناس كما لو كان شيئاً عفويّاً يحصل لهم بكل بساطةٍ ،{فَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً} وهو يعرف الجواب مقدّماً بأنه لم يحصل شيءٌ من ذلك ،أو أنه يطرح السؤال بلهجة الإنكار والاستهزاء ،وربما كان هذا التساؤل وارداً في مجال التعليق على الآية الكريمة{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [ الأنفال:2] .
ويجيب القرآن على هذا السؤال أو التساؤل ،{فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً} لأن المؤمنين يعيشون وعي الكلمة بطريقة مسؤولة ،وبذلك ينفذون إلى عمق المعنى في حركته وامتداده ،ويستلهمونه في أجواء إيحائيّةٍ لينطلقوا مع مفاهيمه في الهواء الطلق ليجسِّدوها واقعاً حيّاً في حياة الأفراد والجماعات ،فيتفاعل ذلك مع الأفكار والمشاعر والمواقف ،لتتحوّل إلى زيادةٍ نوعيّةٍ وكميّةٍ في حجم الإيمان في الداخل .{وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} في ما يمثله الإيمان من الداخل ،من حركة الشخصية في أكثر من مجال ،على أساس هذا الفرح الروحي الذي يطوِّقهم من جميع الجهات ،فيشعرون بالواقع كما لو كان بشارةً كبيرة في حجم هذا السؤال .