{يَلُونَكُمْ}: يقربون منكم .
{غِلْظَةً}: شدّة .
قتال الكفار القريبين
هل هذا نداء للمؤمنين بإعلان الحرب على الكفّار الذين يعيشون قريباً منهم لتتحوّل الساحة إلى حروب حارّة متّصلة بين المؤمنين والكافرين بطريقةٍ شاملة ،أو أنّه حديثٌ عن التفاصيل المتصلة بالمسؤولية المباشرة التي يحملها المؤمنون القريبون إلى مواقع القتال في مواجهة الخطر الآتي منهم ،بقتالهم تحصين مواقعهم والدفاع عنهم ؟؟
ربّما كان الأقرب إلى جوّ الآية هو المعنى الثاني ،لأن قضيّة القتال تتصل بالتخطيط الإسلامي للمعركة من قبل القيادة التي تتولّى أمور المسلمين ،فقد تفرض الخطة القتال في هذا الموقع وقد لا تفرض ذلك ،بل تفرضبدلاً منهالانتظار للوصول إلى الظرف الملائم أو تقتضي الهدنة والمعاهدة وغير ذلك .
الجهاد مرتبط بظروف المصلحة
وليس معنى ذلك أن الإسلام لا يفرض الجهاد الابتدائي للدعوة إلى الإسلام ،لأنه أمر أساسي في التشريع الإسلامي ،ولكنَّ هذا الأمر لا يبتعد أيضاً عن التخطيط للمسألة تبعاً لما هو الأصلح في حركة الإسلام في الحياة ،من خلال الظروف الموضوعية المحيطة بالواقع من الزمان والمكان والأوضاع العامة والخاصة{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِّنَ الْكُفَّارِ} أي القريبين منكم ،فيما إذا اقتضت مصلحة الإسلام القتال من أجل أن تكون الحياة كلها لله ،{وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً} أي شدّةً وتصميماً على المواجهة ،في مقابل الضعف والتخاذل ،وليس المراد بها القسوة والجفاء والخشونة والفظاظة ،فإن ذلك ليس من الإسلام في شيء ،{وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} الذين يخافون ربهم ويخشونه ويراقبونه في كل شيء ،ويتحملون مسؤوليتهم أمامه في ما يأمرهم به أو ينهاهم عنه ،ويستمدون منه القوّة في الموقف ،ويعرفون أنه معهم في جميع المواقف .