{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ 123} .
التفسير:
123{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ ...} الآية .
المعنى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} ؛قاتلوا الأقرب من الكفار ،أي: إنه يجب على كل بلد مسلم أن يكون مستعدا ومتأهبا ،وأن يبدأ بقتال ما يجاوره من الكفار .
{وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً} .والغلظة هنا يراد بها: الشجاعة والقوة ،ولا يكون ذلك إلا بعد الاستعداد والتمرين والتمرس بأساليب القتال .
{واعلموا أن الله مع المتقين} .أي: تأكدوا وثقوا بأن معية الله وعونه ونصره للمتقين الذين آمنوا بالله وراقبوه وأطاعوه ،واجتنبوا مخالفته .
في أعقاب الآية:
في جزرة العرب تقع مدن متعددة مثل: مكة ،والمدينة ،والطائف ،وخيبر ،واليمامة ( الرياض ) .
وتجاور هذه المدن صحارى وبادية ممتدة ،وهذه البادية كانت مرتبطة بالمدن المجاورة لها ؛فأهل البادية يحملون إلى المدينة ما يريدون بيعه من الماشية والألبان والدواجن وأشباه ذلك ؛ويشترون من المدينة الثياب وأدوات القتال وما يتصل بذلك .
ومن يسيطر على مدينة مثل خيبر أو مكة أو الطائف ؛يسهل عليه كثيرا أن يسيطر على ما حولها من سكان البادية والأعراب .
وعندما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ؛عمل على تأمين المدينة في الداخل ؛فعقد معاهدة مع اليهود ،ثم عقد تحالفا مع الأعراب المقيمين حول المدينة ،وأرسل عددا من السرايا ؛لتأمين دائرة حول المدينة ،ثم كانت غزوة بدر الكبرى ،وأعقبها عقد تحالف مع عدد من البلاد المجاورة ،وكانت غزوة خيبر وفتح مكة ،وغزوة حنين ،والطائف ؛لتأمين السيطرة على المدن الكبرى في الجزيرة العربية ،ثم أمر الله المسلمين بالاستمرار في قتال من يجاورهم من الكفار ،فاتجهوا إلى غزوة تبوك ولم يكن فيها قتال ،ولكن وضعت الجزية على أيلة ،وبصرى ،وكانت تلك الغزوة إرهابا للنصارى ،ونزلت سورة براءة عقبها ،فكانت هذه الآية كالوصية للمسلمين بالاستمرار على غزو بلاد الكفر المجاورة لبلاد الإسلام .
ولذلك ابتدأ الخلفاء بفتح الشام ،ثم العراق ،ثم فارس ،ثم انتقلوا إلى مصر ،ثم إلى إفريقية ،ثم الأندلس .
وفي توجيه الخطاب للذين آمنوا دون النبي ،إيماء إلى أن النبيعليه الصلاة والسلاملا يغزو بعد ذلك وأن أجله الشريف قد اقترب ،ولعل في قوله تعالى:{واعلموا أن الله مع المتقين} .إيماء إلى التسلية للمسلمين على فقد نبيهم ،وأن الله معهم ؛كقوله في الآية الأخرى:{وسيجزي الله الشاكرين} .( آل عمران: 144 ) .
*