{وَاللّيْلِ إِذَا سَجَى} في ما يوحي به سجوّ الليل ،وهو سكونه ،عندما يتقدم فيغشى الكون بظلامه ،فتهدأ الحركة ،وتنام العيون ،ويسهر الحالمون ،ليستغرقوا في ضباب الأحلام السعيدة المنسابة مع تطلّعات النفس إلى المستقبل الحالم الجميل ،فتصفو الروح ،ويهدأ الجسد ،وترتاح المشاعر من حالة التوتر التي تثيرها الضوضاء ،وتلتقي الأفكار الموحية المنفتحة على الكون كله بالمشاعر الصافية التي لا تلتقي إلا بالخير والمحبة والسلام .
ويريد الله من رسوله ،الذي يحاول المشركون إثارة القلق في روحه وفي وجدانه ،أن يتأمّل روعة الضحى في إشراقة الكون ،وهدوء الليل في غفوة الظلام ،ليعيش الهدوء النفسي والصفاء الروحي والسكون الوجداني ،فلا يضطرب قلبه ،ولا تتعقَّد مشاعره ،لأن الله الذي أعطى الكون روحه في هدوء الضحى وسكون الليل ،سوف يمنحه السلام الروحي الرائع في حركته في الرسالة .