)كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) ( البقرة:242 )
التفسير:
قوله تعالى:{كذلك يبين الله لكم آياته} ،أي مثلَ ذلك البيان السابق يبين الله لكم آياته ؛فالكاف في محل المفعول المطلق ؛ومعنى «البيان » التوضيح ؛أي أن الله يوضحه حتى لا يبقى فيه خفاء ؛و{لكم} يحتمل أن تكون اللام لتعدية الفعل:{يبين}؛ويحتمل أن تكون اللام للتعليل ؛أي يبين الآيات لأجلكم حتى تتبين لكم ،وتتضح ؛و{آياته} جمع آية ؛وهي العلامة المعينة لمدلولها ؛وتشمل الآيات الكونية والشرعية ؛فإن الله سبحانه وتعالى بيّن لنا من آياته الكونية والشرعية ما لا يبقى معه أدنى شبهة في أن هذه الآيات علامات واضحة على وجود الله عزّ وجلّ ،وعلى ما له من حكمة ،ورحمة ،وقدرة .
قوله تعالى:{لعلكم تعقلون}؛«لعل » هنا للتعليل ؛أي لتكونوا من ذوي العقول الرشيدة .
الفوائد:
1 - من فوائد الآية: منة الله على عباده بتبيين الآيات ؛لقوله تعالى:{كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون} .
2 - ومنها: أن مسائل النكاح والطلاق ،قد يخفى على الإنسان حكمتها ؛لأن الله جعل بيان ذلك إليه ،فقال تعالى:{كذلك يبين الله لكم} .
3 - ومنها: الرد على المفوضة - أهل التجهيل ؛وعلى أهل التحريف - الذين يسمون أنفسهم بأهل التأويل ؛لقوله تعالى:{يبين الله لكم آياته}؛لأن أهل التفويض يقولون: إن الله لم يبين ما أراد في آيات الصفات ،وأحاديثها ؛وأنها بمنزلة الحروف الهجائية التي لا يفهم معناها ؛وأهل التحريف يقولون: إن الله لم يبين المعنى المراد في آيات الصفات ،وأحاديثها ؛وإنما وكل ذلك إلى عقولنا ؛وإنما البيان بما ندركه نحن بعقولنا ؛فنقول: لو كان الأمر كما ذكرتم لكان الله سبحانه وتعالى يبيّنه ؛فلما لم يبين ما قلتم علم أنه ليس بمراد .
4 - ومن فوائد الآية: الثناء على العقل ،حيث جعله الله غاية لأمر محمود - وهو تبيين الآيات ؛والمراد عقل الرشد السالم من الشبهات ،والشهوات - أي الإرادات السيئة .
5 - ومنها: إثبات العلة لأفعال الله ؛لقوله تعالى:{لعلكم تعقلون} .
6 - ومنها: أنه لا يمكن أن يوجد في الشرع حكم غير مبين ؛لقوله تعالى:{يبين الله لكم آياته}؛والآيات هنا جمع مضاف ؛فيعم .
فإن قال قائل: إننا نجد بعض النصوص تخفى علينا ؟
فالجواب: أن ذلك إما لقصور في فهمنا ؛وإما لتقصير في تدبرنا ؛وإما لنقص في علومنا ؛أما أن النص نفسه لم يبين فهذا شيء مستحيل .