{من خشى الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب} من بدل مما سبقها{خشى الرحمن} أي: خافه عن علم وبصيرة ،لأن الخشية لا تكون إلا بعلم ،والدليل قوله تعالى:{إنما يخشى الله من عباده العلماء} فهي خشية أي خوف ورهبة وتعظيم لله عز وجل ،لأنها صادرة عن علم ،وقوله:{من خشى الرحمن بالغيب} لها معنيان:
المعنى الأول: أنه خشي الرحمن مع أنه لم يره ،لكن رأى آياته الدالة عليه .
المعنى الثاني: خشيه بالغيب ،أي: بغيبته عن الناس ،فهو يخشى الله وهو غائب عن الناس ،لأن من الناس من يخشى الله إذا كان بين الناس ،وإذا انفرد فإنه لا يخشى الله ،مثل المرائي المنافق ،إذا كان مع الناس تجده من أحسن الناس خشية ،وإذا انفرد لا يخشى الله ،كذلك أيضاً من الناس من يكون عنده خشية ظاهرية ،لكن القلب ليس خاشياً لله عز وجل - فيكون بالغيب ،أي ما غاب عن الناس ،سواء كان عمله في مكان خاص ،أو ما غاب عن الناس بقلبه ،فإن خشية القلب هي الأصل{وجاء بقلب منيب} أي جاء يوم القيامة بقلب منيب يعني رجاع إلى الله - عز وجل - يعني أنه مات وهو منيب إلى الله فهو كقوله:{ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} والمعنى أنه بقي على الإنابة والرجوع إلى الله - عز وجل - إلى أن مات ،وإلى أن لقي الله ،لأن الأعمال بالخواتيم ،نسأل الله أن يختم لنا بالخير .