{ومن الليل فسبحه} يعني وسبح ربك من الليل لا كل الليل ،و( من ) هنا للتبعيض ،ولهذا لما سمع النبي صلى الله عليه وسلم بأقوام من أصحابه قال أحدهم: ( أنا أقوم ولا أنام ) قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أما أنا فأقوم وأنام ،ومن رغب عن سنتي فليس مني »ولذلك يكره للإنسان أن يقوم الليل كله حتى لو كان فيه قوة ونشاط ،فلا يقوم الليل كله إلا في العشر الأواخر من رمضان ،فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يحيي ليلها كله،{وإدبار النجوم} يعني وقت أدبارها ،وهل المراد أدبار ضوئها بانتشار نور الشمس ،أو أدبار ذواتها عند الغروب ؟فالجواب هذا وهذا ،والمراد بذلك صلاة الفجر ،لأن صلاة الفجر بها تدبر النجوم ،وصلاة الفجر وصلاة العصر هما أفضل الصلوات الخمس ،قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر ،فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس ،وصلاة قبل غروبها فافعلوا »والمراد بالصلاة قبل طلوع الشمس أي صلاة الفجر ،وقبل غروبها صلاة العصر ،وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «من صلى البردين دخل الجنة » والبردان هما صلاة الفجر ،وصلاة العصر ،فصلاة الفجر براد الليل ،وصلاة العصر براد النهار ،{ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم} وبهذا انتهى الكلام بما يسر الله عز وجل على سورة الطور ،نسأل الله تعالى أن ينفعنا بما علمنا ،وأن يهدينا صراطه المستقيم ،وألا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا ،ويهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب .