و{ من الليل} أي زمناً هو بعض الليل ،فيشمل وقت النهي للنوم وفيه تتوارد على الإنسان ذكريات مهماته ،ويشمل وقت التهجد في الليل .
وقوله:{ فسبحه} اكتفاء ،أي واحمده .
وانتصب{ وإدبار النجوم} على الظرفية لأنه على تقدير: ووقت إدبار النجوم .
والإِدبار: رجوع الشيء من حيث جاء لأنه ينقلب إلى جهة الدُبر ،أي الظهر .
وإدبار النجوم: سقوط طوالعها ،فإطلاق الإِدبار هنا مجاز في المفارقة والمزايلة ،أي عند احتجاب النجوم .وفي الحديث:"إذا أقبل الليل من ههنا ( الإِشارة إلى المشرق ) وأدْبر النهار من ههنا ( الإِشارة إلى جهة المغرب ) فقد أفطر الصائم".وسقوط طوالعها التي تطلع: أنها تسقط في جهة المغرب عند الفجر إذا أضاء عليها ابتداء ظهور شعاع الشمس ،فإدبار النجوم: وقت السحر ،وهو وقت يستوفي فيه الإِنسان حظه من النوم ،ويبقى فيه ميل إلى استصحاب الدَّعَة ،فأمر بالتسبيح فيه ليفصل بين النوم المحتاج إليه وبين التناوم الناشىء عن التكاسل ،ثم إن وجد في نفسه بعد التسبيح حاجة إلى غفوة من النوم اضطجع قليلاً إلى أن يحين وقت صلاة الصبح ،كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضطجع بعد صلاة الفجر حتى يأتيه المؤذن بصلاة الصبح .
والنجوم: جمع نجم وهو الكوكب الذي يضيء في الليل غير القمر ،وتقدم عند قوله تعالى:{ وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم} في سورة النحل ( 12 ) .
والآية تشير إلى أوقات الرغائب من النوافل وهي صلاة الفجر والأشفاع بعد العشاء وقيام آخر الليل .وقيل: إشارت إلى الصلوات الخمس بوجه الإِجمال وبيّنتهُ السنة .