{أءلقى الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر} هذا أيضاً استفهام احتقار ،يعني كيف يلقى الذكر عليه من بيننا ،ما الذي ميزه ،وكل ما ذكروا شبهات ،لا دلالات ،فكونه بشراً لا يمنع أن يكون رسولاً ،بل لابد أن يكون رسول البشر بشراً ،لأن الله قال:{وقالوا لولآ أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكاً لقضى الأَمر ثم لا ينظرون ولو جعلناه ملكاً لجعلناه رجلاً} يعني لو أرسلنا ملكاً للزم أن نجلعه في صورة البشر حتى يمكن أن يختلط بالناس ويأتلف بهم ،وإذا جعلنا الملك بشراً لبسنا عليهم ما يلبسون ،فعادت المسألة مختلطة .الشبهة الثانية: أنه منا لا يتميز علينا بشيء ،الثالثة: أنه واحد لم يؤيد ،والله عز وجل يقول:{واضرب لهم مثلاً أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون} وهؤلاء يقولون: واحد لابد يعزز بثانٍ وثالث ،الرابعة: أألقي الذكر عليه من بيننا ؟يعني كيف يلقى عليه الذكر والوحي من بيننا ؟هذا لا يمكن ،أربع شبهات وهم يرونها حججاً توجب رد صالح عليه الصلاة والسلام ،والواقع إنها ليست بحجج ،بل هي شبه وتضليل ،وهكذا المبطلون في كل زمان ومكان يوردون الشبه على الحق ،ولكن الله سبحانه وتعالى لابد أن يبين الحق ،ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حيي عن بينة ،ثم قالوا:{بل هو كذاب أشر}{بل} هنا لإبطال دعواه أنه حق{كذاب} صيغة مبالغة وفي نفس الوقت وصف ،لأن كلمة فعال تأتي للمبالغة وتأتي للوصف ،فإذا قلت: فلان نجار ،يعني من النجارين ،وإن لم ينجر إلا مرة واحدة ،وإذا قلت فلان نجار لكثرة النجارة صارت مبالغة ،فهم يرون - والعياذ بالله - أنه كذاب موصوف بالكذب ،ليس له صفة إلا الكذب ،وكثير الكذب أيضاً{أشر} أي: بطر متعال ،متعاظم مستكبر ،مدعٍ ما ليس له ،