{وهو الغفور الودود}{الغفور} يعني ذا المغفرة ،والمغفرة ستر الذنب والعفو عنه فليست المغفرة ستر الذنب فقط بل ستره وعدم المؤاخذة عليه كما جاء في الحديث الصحيح: «إن الله يخلو بعبده المؤمن يوم القيامة ويقرره بذنوبه حتى يقربها ويعترف فيقول الله عز وجل: قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم » ،ويُذكر أن بني إسرائيل كانوا إذا أذنب الواحد منهم ذنباً وجده مكتوباً على باب بيته فضيحة وعاراً ،لكننا نحن ولله الحمد قد ستر الله علينا ،فعلينا أن نتوب إلى الله ونستغفره من الذنب فتمحى آثاره ،ولهذا قال:{وهو الغفور} أي الساتر لذنوب عباده المتجاوز عنها .{الودود} مأخوذة من الود ،والود هو خالص المحبة فهو جل وعلا ودود ،ومعنى ودود أنه محبوب وأنه حاب ،فهو يشمل الوجهين جميعاً ،قال الله تبارك وتعالى:{يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه} [ المائدة: 54] .فهو جل وعلا واد يحب الأعمال ،ويحب الأشخاص ،ويحب الأمكنة وهو كذلك أيضاً محبوب يحبه أولياؤه{قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} [ آل عمران: 31] .فكلما كان الإنسان أتبع لرسول الله صلى الله عليه وسلّم كان أحب إلى الله ،فهو جل وعلا واد وهو أيضاً مودود ،أي أنه يِحب ويَحب ،يِحب سبحانه وتعالى الأعمال ويحب العاملين ،ويحب الأشخاص يعني أن محبة الله قد تتعلق بشخص معين مثل قول الرسول عليه الصلاة والسلام في يوم خيبر: «لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ،ويحبه الله ورسوله » فبات الناس ثم غدوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم كلهم يرجوا أن يُعطاها فقال: «أين علي بن أبي طالب » ؟قالوا: يشتكي عينيه فدعا به فأتى فبصق في عينه فبرأ كأن لم يكن به وجع في الحال ،ثم أعطاه الراية وقال: «انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام » .الشاهد قوله: ( يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ) فهنا أثبت أن الله يحب هذا الرجل بعينه علي بن أبي طالب ،ولما بعث على سرية صار يقرأ لهم في الصلاة ويختم القراءة ب{قل هو الله أحد} فلما رجعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلّم أخبروه بذلك ،لأن عمله هذا وهو أنه يختم القراءة ب{قل هو الله أحد} غير معروف ،فقال: «سلوه لأي شيء كان يصنع ذلك » ؟فسألوه فقال: إنها صفة الله وأنا أحب أن أقرأها .فقال النبي صلى الله عليه وسلّم: «أخبروه إن الله يحبه » ،فهنا المحبة علقت بشخص معين يحبه الله ،وقد تكون محبة الله بمعينين بأوصافهم مثل:{إن الله يحب المتقين}{إن الله يحب المحسنين}{إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفًّا كأنهم بنيان مرصوص} [ الصف: 4] .هذا ليست في شخص معين لكن في شخص موصوف بصفة ،كذلك يحب الله سبحانه وتعالى الأماكن «أحب البقاع إلى الله مساجدها » ،وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن مكة أحب البقاع إلى الله هذه المحبة متعلقة بالأماكن فالله تعالى يِحب ويَحب ولهذا قال:{وهو الغفور الودود} .