المفردات:
الودود: المتودد إلى أوليائه بالكرامة .
التفسير:
14- وهو الغفور الودود .
وهو سبحانه غافر الذنب وقابل التوب ،هو خالق الخلق وهو أعلم بهم ،لذلك فتح باب التوبة للتائبين ،وغفر للمستغفرين ،ورحم المسترحمين ،ولم يغلق بابه في وجه قاصد ،ومهما عظم الذنب وكبرت الخطيئة ،إذا صحّ الندم ،وعظم الألم ،وصدقت نية العبد في التوبة ،فإن الله لا يردّ من قصد بابه .
قال تعالى: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ...( النساء: 116 ) .
وقال عز شأنه: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم* وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له ...( الزمر: 53 ،54 ) .
لقد سبقت رحمة الله غضبه ،قال تعالى: ورحمتي وسعت كل شيء ...( الأعراف: 156 ) .
وقال سبحانه وتعالى: إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون .( يوسف: 87 ) .
وفي السنة الصحيحة أن رجلا قتل مائة نفس ،ثم ندم ورغب في التوبة ،فتطهر وانتقل من أرض المعصية إلى أرض فيها عبّاد الله ،ليعبد الله معهم ،وفي الطريق أدركته منيته فمات ،فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ،فأوحى الله إليهم: انظروا هذا الذي مات ،إن كان قريبا من أرض الطاعة فلتقبض روحه ملائكة الرحمة ،وإن كان قريبا من أرض المعصية فلتقبض روحه ملائكة العذاب ،فوجدوه قريبا من أرض الطاعة شبرا أو ذراعا ،فقبضته ملائكة الطاعة .
قال علماء الحديث:
فلو أن الرجل طاف الأرض كلها دون ندم أو توبة أو رغبة صادقة في التوبة ما نفعه ذلك ،لكن لما صدقت النية والرغبة في التوبة والندم قبله الله ،ويسر له باب التوبة وحسن الخاتمة .
واسم الله الودود .يفتح أبوابا من هذه الرحمة والمودة والرضا والمحبة ،الودود .الذي يبشّ للطائعين ،ويهشّ للمتبتلين ،ويرحم عباده ،ويكرم أولياءه ،ويرضى عن المؤمنين .
قال ابن عباس: الودود .يودّ أولياءه كما يود أحدكم أخاه بالبشرى والمحبة .
فيا للفضل الإهلي ،ويا للجلال والكمال والرضا والمودة من الله العلي القدير للعبد المخلوق الفاني ،إذا صحت نيته ،وصدقت عقيدته ،وعظمت رغبته فيما عند الله ،حيث يجد مودة الله .
قال تعالى: يحبهم ويحبونه ...( المائدة: 54 ) .
قوال سبحانه: رضي الله عنهم ورضوا عنه ...( البينة: 8 ) .
وقال عز شأنه: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمان ودّا .( مريم: 96 ) .
وفي سورة الكهف نجد عناية الله تمتد لأصحاب الكهف ،ونجد في قصة موسى والخضر جانبا من هذه المودة ،حين رأينا الخضر يخرق السفينة ،ويقتل الغلام ،ويبني الجدار تحقيقا لجانب من رحمة الله ومودته بالصالحين ،وامتداد المودة إلى ذرية الصالحين ،حيث يقول الخضر –كما حكى القرآن الكريم:
وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدّهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك ...( الكهف: 82 ) .