{فكذبوه} أي: كذبوا صالحاً وقالوا: إنك لست برسول ،وهكذا كل الرسل الذين أرسلوا إلى أقوامهم يصمهم أقوامهم بالعيب .كما قال الله تعالى:{كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون} .[ الذاريات: 52] .كل الرسل قيل لهم هذا ساحر أو مجنون ،كما قيل للرسول عليه الصلاة والسلام: إنه ساحر ،كذاب ،مجنون ،شاعر ،كاهن ،ولكن ألقاب السوء التي يلقبها الأعداء لأولياء الله لا تضرهم ،بل يزدادون بذلك رفعة عند الله سبحانه وتعالى ،وإذا احتسبوا الأجر أثيبوا على ذلك .فيقول عز وجل:{فعقروها} أي: عقروا الناقة عقراً حصل به الهلاك{فدمدم عليهم ربهم} يعني: أطبق عليهم فأهلكهم كما تقول: دمدمت البئر: أي أطبقت عليها التراب .{بذنبهم} أي: بسبب ذنوبهم ؛لأن الله سبحانه وتعالى لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون ،فالذنوب سبب للهلاك والدمار والفساد لقول الله تبارك وتعالى:{ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون} [ الروم: 41] .وقال تعالى:{وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميراً} .[ الإسراء: 16] .وقال الله تعالى يخاطب أشرف الخلق وخير القرون:{أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم} .[ آل عمران: 165] .فالإنسان يصاب بالمصائب من عند نفسه ،ولهذا قال:{فدمدم عليهم ربهم بذنبهم} أي: بسبب ذنبهم .{فسواها} أي: عمها بالهلاك حتى لم يبق منهم أحد وأصبحوا في ديارهم جاثمين .