{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ{254}}
[ 1] خلّة: مودة وصداقة .
عبارة الآية مفهومة ولم نطلع على رواية خاصة بنزولها ،والمتبادر أنها ليست منقطعة عن السياق بل فيها عود على بدء وربط بين الدعوة إلى القتال والإنفاق في سبيل الله التي تضمنتها الآيتان اللتان سبقت فصل بني إسرائيل .والحث فيها قوي ،وبعض المفسرين{[375]} قالوا: إنها في صدد الزكاة ونرجح أنها عامة الحثّ حيث يدخل فيها الزكاة الواجبة والصدقات التطوعية في مختلف الوجوه وجملة{مِمَّا رَزَقْنَاكُم} هي في صدد التنبيه إلى أن ما في أيدي القادرين على الإنفاق من مال هو من رزق الله وفضله ،فمن واجبهم أن يأتمروا بأمر الله وينفقوا مما رزقهم وفي هذا مغزى جليل .وقد تكرر بأساليب أخرى في سور عديدة مكية ومدنية .
وتعبير{وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} يحتمل أن يكون في صدد المصير الأخروي ،وبيان كون الكفار بكفرهم هم الذين يظلمون أنفسهم ويعرضونها لنكال الله في الآخرة .وهذا تكرر بأساليب أخرى في سور عديدة مكية ومدنية .ويحتمل أن يكون تعبير{وَالْكَافِرُونَ} في معنى الجاحدين بنعمة الله الذين يبخلون في الإنفاق من المال الذي رزقهم الله إياه ،فهم في ذلك ظالمون لأنفسهم منحرفون عن جادة الحق والإيمان .ويحتمل أن يكون بسبيل تقرير كون الكافرين هم الذين لا ينفقون مما رزقهم الله فيظلمون أنفسهم بالمصير الرهيب الذي سوف يصيرون إليه في الآخرة ؛حيث لا ينفع المرء إلا عمله دون ما شفاعة أحد أو خلّة مع أحد والله أعلم .