أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ{18}
تتضمن الآية:
1- سؤالا للنبي صلى الله عليه وسلم أو للسامع في معنى التقرير والتوكيد بخضوع كلّ من في السموات والأرض ،بما في ذلك الشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب لله ،وبإخلاص كثير من الناس له أيضا في العبادة والخضوع .
2- وإشارةإلى أن كثيرا من الناس قد استحقّوا عذاب الله بسبب جحودهم وتمرّدهم .
3- وإنذارا لهذا الفريق بأن الله قضى على أحد بالخزي والهوان بسبب كفره وتمرّده ،فلن يكون له من يبدّل هوانه بكرامة وهو الفعّال لما يشاء .
والصلة كذلك غير منقطعة بين هذه الآية وما قبلها وبخاصة الآية السابقة لها مباشرة كما هو المتبادر .وهي بسبيل التدليل على عظمة الله وشمول حكمه ،وخضوع من في الكون له ،وتوكيد كون الدعوة النبوية هي المتسقة مع واجب الإنسان بالاعتراف بالله وحده والاتجاه إليه وحده .وهي كذلك بسبيل تطمين النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين وتثبيتهم ،والتنديد بالمنحرفين عن الطريق القويم وإنذارهم بالخزي وسوء العاقبة .وأسلوبها قوي نافذ .وما احتوته من تقرير كون جميع ما في كون الله خاضع له تعالى قد مرّ في سورة سابقة في مناسبات مماثلة وبأساليب متنوعة .ولقد كتبنا تعليقا على آية سورة الإسراء هذه:{تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً{44}} ويمكن أن ينسحب هذا التعليق على هذه الآية ،وبخاصة بالنسبة لسجود من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والشجر والدواب .