قوله تعالى:{ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء ( 18 )} المراد بالرؤية ،ما كان بالقلب ؛أي ألم تر يا محمد بقلبك وعقلك فتعلم أن الله يسجد له من في السموات من الملائكة ،ومن في الأرض من الجن .وكذا الشمس والقمر والنجوم ،كل ذلك يسجد لله وسجوده امتثاله الكامل لله .وهيئة ذلك إنما يعلم حقيقتها الله .وأما الجبال والشجر والدواب ،فسجود ذلك ظلاله حين تطلع عليه الشمس وحين تزول .فتحول الظل للشيء هو سجوده .
قوله: ( وكثير من الناس ) ( كثير ) ،مرفوع بالعطف على ( من ) في قوله: ( يسجد له من في السماوات ) .وقيل: مرفوع على الابتداء .وما بعده خبره .وقيل: خبره محذوف وتقديره: وكثير من الناس ثبت له الثواب{[3086]} .
والمعنى: ويسجد كثير من بني آدم لله وهم المؤمنون الطائعون العابدون .
قوله: ( وكثير حق عليه العذاب ) معطوف على كثير الأول ؛أي كثير من بني آدم امتنع وأبى واستكبر فحق عليه العذاب .
قوله: ( ومن يهن الله فما له من مكرم ) أي من كتب الله له الشقاوة والمهانة لما سبق في علمه من كفره أو فسقه وضلاله ؛فليس له من مكرم يكرمه بالسعادة ( إن الله يفعل ما يشاء ) أي يفعل في خلقه ما يقدره من الإهانة والإكرام وهو سبحانه لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون .{[3087]}