{أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين( 68 ) أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون ( 69 ) أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون( 70 ) ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن بل آتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم 1 معرضون( 71 ) أم تسألهم خرجا 2 فخراج ربك خير وهو خير الرازقين ( 72 ) وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم( 73 ) وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون 3 ( 74 )} [ 68-74] .
في هذه الآيات:
أولا: أسئلة تتضمن التنديد والتقريع عن أسباب موقف الكفار من النبي ودعوته:
1- فهل لم يترووا فيما يسمعون من آيات الله وأقوال النبي فلم يدركوا ما فيها من حق وهدى ومصلحة وخير لهم .
2- وهل رأوا أن ما جاءهم بدع لم يسبق أن أتى مثله لآبائهم فوقفوا منه موقف المستغرب المنكر .
وواضح أن الآيات استمرار في السياق والموضوع السابقين ،وأسلوبها قوي رصين مفحم موجه إلى القلب والعقل معا .ومن شأنه أن ينفذ إلى الأعماق .
تعليقات على محتويات الآية .
1 لقد تعددت تخريجات المفسرين لمدى الآية الأولى ،منها أنها بسبيل استنكار كفر الكافرين ؛لأن ما جاءهم ليس بدعا ،وأنه قد جاء لآبائهم من قبل .
ومنها أنها بسبيل استنكار كفرهم ؛لأن الله قد اختصهم دون آبائهم بنعمته فأرسل إليهم رسوله لهدايتهم{[1439]} .والعبارة تتحمل التخريجين ،ومع ذلك فإن في كل منهما إشكالا بسبب آيات في سورة أخرى .ففي سورة يس هذه الآية{لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون 6} وتكرر هذا في آيتي سورة السجدة والقصص هاتين:
1 -{أم يقولون افتراه بل هو الحق من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون} [ السجدة: 3] .
2-{ولكن رحمة من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون} [ القصص: 46] .
هذا ،في حين أنه جاء في سورة النمل هذه الآية:{لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين} [ 68] وتكرر هذا في سورة ( المؤمنون ) على ما يأتي بعد قليل .
ونحن نرجح التخريج الأول .وفي صدد الإشكال الوارد عليه يجوز أن يقال: إن آيات سورة يس والسجدة والقصص قد قصدت الزمن القريب بينما آيتا سورتي النمل والمؤمنون قد قصدتا الزمن البعيد .وفي الزمن البعيد الذي كانوا يتداولون أخباره جيلا بعد جيل أنبياء عديدون من جزيرة العرب أو حلوا فيها وقد ذكروا في القرآن .ويعتبرون آباء أولين للعرب الذين يسمعون القرآن مثل هود وصالح وإبراهيم وإسماعيل عليهم السلام .