{قل رب إما تريني ما يوعدون ( 93 ) رب فلا تجعلني في القوم الظالمين( 94 ) وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون ( 95 ) ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون( 96 ) وقل ربي أعوذ بك من همزات الشياطين( 97 ) وأعوذ بك رب أن يحضرون( 98 )} [ 93-98] .
في الآيات:
1 أمر للنبي صلى الله عليه وسلم بأن يدعو الله أن يرزقه السلامة والنجاة ،وأن لا يجعله في القوم الظالمين إذا أبقاه حيا حتى يريه تحقيق ما يوعد الله به الكفار .
2 وتقرير رباني بأن الله قادر أن يريه تحقيق ذلك .
3- وأمر ثان للنبي بأن لا يغتم لموقفهم ،وأنه يقابله بالصبر والغض والدفع بالتي هي أحسن انتظارا لتحقيق وعد الله ،فالله عليم كل العلم بحقيقة حالهم ومعتقداتهم .
4 وأمر ثالث بأن يستعيذ بالله من وساوس الشياطين ونفثاتهم ومخالطتهم في أموره وأفكاره .
والمتبادر أن الآيات وبخاصة الأربع الأولى منها متصلة بالسياق وبخاصة بالآيات [ 75-77] التي احتوت تنديدا بموقف الكفار بعدما كشف الله عنهم البلاء وإنذارا لهم بالعذاب الأشد ،وأن الآيات التي جاءت بعدها جاءت في معرض الاستطراد مما جرى عليه أسلوب النظم القرآني .
والآيتان الأخيرتان غير منقطعتين عن الموضوع والموقف .وقد استهدفتا بث الطمأنينة والسكينة في قلب النبي صلى الله عليه وسلم وحثه على الالتجاء إليه كما ألمت به الأزمات النفسية وساورته الهواجس والوساوس من جراء موقف قومه العنيد .
ولقد تكرر في القرآن الأمر بالاستعاذة من الشيطان ونزغاته مما هو متصل بالحقيقة الإيمانية المغيبة عن الشيطان ووساوسه على ما شرحناه في مناسبات سابقة .ونرى أنه يجب الوقوف في هذا الأمر عندما وقف القرآن دون تزيد مع ملاحظة أن الشيطان ودوره مما كان مفهوما مسلما به عند السامعين ،ومع ملاحظة ذلك الهدف الذي استهدفته ،وهو بث السكينة والطمأنينة في قلب النبي والمؤمنين فيما يكون طروءه على النفس الإنسانية مع أزمات وهواجس ووساوس والله أعلم .
ولقد شرحنا مدى احتمال تعرض النبي صلى الله عليه وسلم لهزات الشيطان ونزغاته التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم في الآية [ 98] بالاستعاذة بالله منها في سورة الأعراف فلا نرى ضرورة للإعادة أو الزيادة .
وفي جملة{ادفع بالتي هي أحسن} توكيد للمبدأ القرآني المحكم في صدد الدعوة إلى سبيل الله وفي صدد معاملة الناس بصورة عامة على ما شرحناه في مناسبات سابقة شرحا يغني عن التكرار .
ولقد قال بعض المفسرين: إن هذه الجملة قد نسخت بآية القتال أو السيف{[1446]} كما قالوا ذلك بالنسبة للجمل المكية المماثلة .ومع صواب ذلك بالنسبة للأعداء المعتدين على الإسلام والمسلمين على ما قلناه في المناسبات السابقة ،فإن هذا ليس من شأنه نقض ذلك المبدأ القرآني المحكم المنطوي في الجملة بالنسبة لسلوك المسلمين تجاه بني ملتهم وتجاه غيرهم من الموادين المسالمين .