ما يوعدون من عذاب
في هذه الآيات الكريمة تهديد بما أعده الله تعالى من عذاب للمشركين بعد أن بين لهم بالأدلة القاطعة أن الشرك باطل . وإن النفوس المنحرفة تخاطب بالدليل الهادي المرشد ، فإن لم تجد الهداية المرشدة ، والبراهين الساطعة كان الإنذار الشديد ، وقد برهن فبقي الإنذار ، ابتدأ سبحانه الإنذار الشديد ، بأن أشار للنبي صلى الله عليه إلى أنه إنذار لا يقع في نظر النبي صلى الله عليه وسلم مثله ، وأنه يحسن أن يطلب رؤيته ، فقال:{ قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ ( 93 )} .
ابتدأ القول بالنداء ب{ رب} لبيان أن ذلك الذي ينذر به من مقتضى الربوبية ، لأن مقتضى الربوبية ، أي يجزئ المحسن إحسانا ، والمسيء بما يستحق ، فلا يستوي الأعمى والبصير ، ولا الظلمات ولا النور .{ إما تريني} "إما"هي "إن"مدغمة في "ما"، و( ما ) جاءت لتوكيد فعل الشرط ، ولذلك جاءت نون التوكيد الثقيلة رادفة لتوكيد "ما"والجواب محذوف لتذهب النفوس فيه كل مذهب ، وفي ذلك إشارة إلى هوله وأنه لا تكتنه العقول كنهه ، و( ما ) في قوله تعالى:{ ما يوعدون} ما هنا موصولة بمعنى الذي ، وإن الله تعالى وعدهم بالعذاب في الدنيا والعذاب في الآخرة ، أما في الدنيا فالنصر الذي وعد الله تعالى به نبيه الأمين ، والذي كان له فيه الغلب ، وكان النصر حليفه دائما ولم يهزم ولا في أحد ، وما عذاب الآخرة فهو الجحيم خالدين فيها ، وبئس المصير .