{وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفوا عن السيئات ويعلم ما تفعلون ( 25 ) ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذاب شديد ( 26 )} [ 25 – 26] .
في الآيات تقرير بأن الله تعالى يقبل توبة التائبين إليه ويعفو عن السيئات ويعلم جميع ما يفعله الناس فيستجيب للذين تابوا وآمنوا وعملوا الصالحات ويمنحهم عطفه ويزيدهم من فضله ،أما الذين كفروا فليس لهم عنده إلا شديد العذاب .
وكلمة{وهو} التي تبدأ بها الآيتان تدل على اتصالهما بما قبلهما كما هو المتبادر .ولاسيما أن الآيات السابقة قد ذكر الله تعالى فيها وجاءت هذه الآيات بعدها فاكتفت بالعطف عليه والإشارة إلى الله عز وجل بلفظ ( هو ) .ومن المحتمل أن يكون استهدف في الآيتين إعلان كون باب الله مفتوحا للناس الذين يدعوهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويبشرهم مما ذكر في الآيات السابقة وبذلك يبدو الاتصال واضحا .
والمتبادر أن جملة{ويعفوا عن السيئات} مرتبطة بالجملة التي قبلها ونتيجة لها ومتضمنة تقرير عفو الله عن سيئات الذين يتوبون إليه ويرجعون عن تصرفاتهم وأعمالهم الآثمة .وفيها تشجيع رباني على التوبة مما تكرر في مواضع كثيرة في القرآن وعلقنا على ما فيه من مبدأ قرآني عظيم في سياق سورة البروج .
ولقد ساق المفسرون{[1817]} في سياق هذه الجملة بعض أحاديث نبوية فيها تشجيع كبير على التوبة .منها حديث رواه أبو هريرة رضي الله عنه جاء فيه: ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة ) .
ومنها حديث رواه الأغر بن بشار المزني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( يا أيها الناس توبوا إلى الله فإني أتوب إليه في اليوم مائة مرة ) .
ومنها حديث رواه عبد الله بن مسعود قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ( الله أفرح بتوبة عبده المؤمن من رجل نزل في أرض دوية مهلكة معه راحلته عليها طعامه وشرابه ،فوضع رأسه فنام نومة ،فاستيقظ وقد ذهبت راحلته ،فطلبها حتى إذا اشتد الحر والعطش ،أو ما شاء الله قال أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه فأنام حتى أموت فوضع رأسه على ساعده ليموت فاستيقظ فإذا راحلته عنده عليها طعامه وشرابه ) .