{أم اتخذوا من دونه أولياء فالله هو الولي وهو يحيي الموتى وهو على كل شيء قدير( 9 ) وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب ( 10 ) فاطر السماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ( 11 ) له مقاليد السماوات والأرض يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل شيء عليم ( 12 )} [ 9 – 12] .
في الآية الأولى تساؤل استنكاري عن اتخاذ المشركين أولياء من دون الله ،ورد تقريري بأن الله هو وحده الجدير بالولاء ؛لأنه هو الذي يحيي الموتى وهو القدير على كل شيء .
وفي الآية الثانية بيان صادر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم موجه إلى الناس ،أو على الأرجح إلى الكفار بقصد إشارة الله وتحكيمه فيما بينه وبينهم من خلاف ،فإلى الله تعالى مرجع كل شيء وهو الحكم العدل بين الناس فيما اختلفوا فيه وهو ربه الذي عليه يتوكل وإليه ينيب ويستند ،وينطوي في بيان معنى الوثوق واليقين بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو على حق في الخلاف القائم بينه وبين المشركين كما هو المتبادر .
وجاءت الآيتان الأخريان للبرهنة على استحقاق الله وحده الولاء والاعتماد بالإنابة والربوبية الشاملة جريا على الأسلوب القرآني: فهو الذي خلق السماوات والأرض ،وجعل للناس أزواجا من أنفسهم لينموا ويكثروا ،وخلق لهم من الأنعام أزواجا كذلك .وهو الذي لا يماثله شيء في عظمته وقدرته وصفاته وكنهه السميع لكل شيء البصير بكل شيء الذي في يده تصريف السماوات والأرض وبسط الرزق وقبضه وفقا لمقتضيات علمه وحكمته ؛لأنه عليم بكل شيء .
والمتبادر أن الآيات جاءت معقبة على الآيات السابقة ومؤكدة لها .والآية الثانية كما قلنا موجهة مباشرة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى المخاطبين وفي مثل هذه الحالة يفرض محذوف بعد كلمة ( من شيء ) وهو ( قل ) فيتسق حينئذ الفصل القرآني وهذا مما جرى عليه الأسلوب القرآني وقد مر منه أمثلة عديدة .