{ وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد102} .
التشبيه في قوله تعالى:{ وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة}هو تشبيه حال القرى القائمة الظالمة في توقع عذاب الله لها بحال الذين أخذوا من قبل كغرق قوم نوح ، وكالرجفة التي أخذت ثمود ومدين ، وكالريح الصرصر الذي أخذ من قبل عاد كهذا الأخذ الذي أخذ به السابقون ، يؤخذ القائمون في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن ذلك الماضي إنذار للحاضرين من القرى الظالمين كالمشركين في مكة الذي يتحدون الله ورسوله ، ويحسبون أنهم الغالبون ، والله تعالى غالب على أمره ، وقد قرر بعد ذلك شدة عذابه في أخذه لهم من حيث لا يحتسبون ، فقال عز من قائل:{ إن أخذه أليم شديد} اي إن أخذه المفاجئ الذي لا يرتقبونه فوق ما فيه من ألم المفاجأة ، وهم يرتعون ويلعبون هو في ذاته مؤلم موجع ، وشديد في إيلامه وفي حاله ، وحالهم معه ، كانوا ينتظرون مطرا يمطرهم ، فإذا هو ريح فيها عذاب أليم .
وإن ذلك إنذار كما ذكرنا للمشركين ، حتى يرجعوا عن غيهم ، وإن الله إذا كان قد أخر عنهم العذاب لاجل محدود ، فإنهم ليسوا غالبين ، وإنه سبحانه جاعل العذاب من نوع آخر ، يستبقي الأطهار ولا يستأصل الأشرار لأنه يكون من أصلابهم من يعبد الله ويجاهد في سبيله ، ألم يجعل من أصلابهم قادة مجاهدين ، فكان من أصلابهم خالد بن الوليد ، وعكرمة بن أبي جهل ، وغيرهما من القادة المجاهدين .
ووصف أخذ القرى بأنه يأخذها وهي متلبسة بظلمها ، تحمل في نفسها موجب عذابها .
وإن هذه الإنذارات يتعظ بها وينزجر من يؤمن بالآخرة ، ويخاف مقام الله فيها ، ولذا قال: