{ وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد ( 49 ) سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار ( 50 )} .
ذكر الله تعالى لهم أحوالا ثلاثة:
الأولى:أنهم مقرنون في الأصفاد .
والثانية:أن سرابيلهم من قطران .
والثالثة:أن النار تغشى وجوههم .
وقد ذكر سبحانه وتعالى أولا وصفهم بالأجرام ؛ لأن ما كسبوه من جرائم في اعتقادهم ، وفي أعمالهم ، وفي إفسادهم في الأرض عبثا وفسادا ، هو السبب فيما ينالون من عقاب .
وقوله تعالى في الحال الأولى:{ مقرنين في الأصفاد} من قرن بمعنى جمع ، وقرن بمعنى شدد في الجمع ووثق في الأمر الجامع ، والمعنى مشدودون بوثاق مجموعين فيه لتشابه جرائمهم ، واتحادهم في أوصافهم الإجرامية ، ومقرنين في أيديهم وأرجلهم بالأصفاد ، جمع صفد ، وهو القيد يقيدون به ، وتغل أيديهم وأرجلهم به .
هذه هي الحال الأولى .
والحال الثاني:وهي مما ينزل بهم آحادا كما جمعوا جميعا وهي قوله تعالى:{ سرابيلهم من قطران} والسرابيل:جمع سربال ، وهو القميص الذي يلاصق أجسامهم ، ويسبغها ، ولا يترك فراغا بينه وبينها ، والقطران هو ما استحلب من بعض الأشجار ، وتهنأ به الإبل دواء لها من الجرب ، ومن شأنه أنه يشتعل بالنار ، فإذا بقمصانهم المتصلة بأجسامهم اللاصقة بها نيران مشتعلة ، فالنار تحوطهم من كل ناحية في أجسامهم .
ولكن القمصان أو السرابيل لا تغطى الوجوه عادة فتجئ الحال الثالثة ، وهي قوله تعالى:{ وتغشى وجوههم النار} ، أي النار تستر وجوههم كما ستر القطران الملتهب أجسامهم .