وإن الله سبحانه وتعالى هو المنشئ ، والقائم على كل ما خلق ، وهو الذي يبدأ الإبقاء والإفناء ؛ ولذا قال:{ وإنا لنحن نحيي ونميت ونحن الوارثون ( 23 )} .
أكد سبحانه أنه هو وحده المحيي والمميت أكده بضميره الأعظم ، وأكده بنحن ، وهو توكيد لفظي ، وأكده باللام ، وأكد الإحياء ولم يؤكد الممات ؛ لأن الإحياء غير مرئي ، وإنما تظهر آثاره في الحياة ، ولم يؤكد القرآن الحكيم الممات ؛ لأنه مرئي محسوس ، يرى كل يوم ، فما لا يظهر للحس وهو الإحياء أكده ، وما يظهر للحس الحس يؤكده ، وقد أخبر سبحانه أن الجميع بعد الموت يقول إليه سبحانه وتعالى ؛ ولذا قال سبحانه:{ ونحن الوارثون} فالجميع يئول إليه كما يئول الميراث للوارث .
وإن الله هو الذي أحيا ، فهو الذي أنشأ الكون كله ، وهو الذي أنشأ الإنسان من سلالة من طين كما قال تعالى:{ ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ( 12 ) ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ( 13 ) ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين ( 14 ) قم إنكم بعد ذلك لميتون ( 15 ) ثم إنكم يوم القيامة تبعثون ( 16 )} [ المؤمنون] .
وإن قوله تعالى:{ ونحن الوارثون} يومئ إلى ما صرح به سبحانه وتعالى ، من البعث في الآية التي تلونا ، والآيتان تشيران إلى أن من أحيا وأمات قادر على الإعادة ، كما قال تعالى:{. . .كما بدأكم تعودون ( 29 )} [ الأعراف] ،{. . .والله على كل شيء قدير ( 284 )} [ البقرة] .