ويقول سبحانه وتعالى في طلب السجود:{ فإذا سويته} ، أي شكلته على الخلق السوي في أحسن تقويم{ ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين} قال سبحانه بعد قوله:{ وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون ( 28 )} ، وقوله تعالى:{ فقعوا له ساجدين} معناه خروا له ساجدين ، سجود إجبار وتكريم لا سجود عبادة ، فالعبادة لله تعالى وحده لا شريك له ، ويقول الزمخشري في قوله تعالى:{ ونفخت فيه من روحي} وأحييته ، وليس ثمة نفخ ولا منفوخ ، وإنما هو ليحصل ما يحيا به فيه ، وحاصل هذا أن ذلك تصوير للروح إذ تدخل الجسم ويحيا بها الإنسان حياة محس مدرك ، ويقول البيضاوي في قوله:{ ونفخت فيه من روحي} "حتى جرى آثاره في تجاويف أعضائه ، وأصل النفخ إجراء الريح في تجويف جسم آخر ، ولما كان الروح يتعلق أولا بالبخار اللطيف المنبعث من القلب ، ويفيض عليه القوة الحيوانية ، فيسرى حاملا لها في تجاويف الشرايين إلى أعماق البدن جعل تعلقه بالقلب نفخا فيه ، وإضافة الروح إلى نفسه لما مر في ( النساء ) ، والمعنى أن الله نفخ من روحه هو تصوير لخلق الحياة ، وإضافتها إليه سبحانه وتعالى لأنه خالقها ومنشئها ، وليس ثمة نفخ ، وإنما هو تصوير للخلق والتكوين ، وعلى هذا يكون معنى نفخنا فيه من روحنا ، فليس فيها دلالة على أن عيسى من روح الله كما أن آدم ليس من روح الله ، وإنما هو من خلق الله تعالى".