ولقد بين سبحانه تلقى المشركين للقرآن العظيم ، فقال عز من قائل:{ كما أنزلنا على المقتسمين ( 90 ) الذين جعلوا القرآن عضين ( 91 ) فوربك لنسألنهم أجمعين ( 92 ) عما كانوا يعملون ( 93 )} .
{ كما} التشبيه هو تشبيه الإنذار الذي يقوم الرسول بإنذار المقتسمين ، فهو بيان لإنذار هؤلاء المقتسمين وأنه من إنذار الرسول الذي كان للإنذار ، وتنبيه المشركين إلى عاقبة ما يعملون ، أي الإنذار كما ينزل بهؤلاء ، ومن هم المقتسمون ؟ ذكر المفسرون في ذلك أقوالا كثيرة ، وعندي أن أقواها الجدير بالنظر قولان:
القول الأول:أنه عندما أخذ النبي صلى الله عليه وسلم ينشر الدعوة الإسلامية في قبائل العرب في موسم الحج ، أخذ ستة عشر رجلا منهم كما قال مقاتل والفراء بعثهم الوليد بن المغيرة فاقتسموا مكة وأنقابها وفجاجها يقولون لمن سلكها لا تغتروا بهذا الخارج فينا يدعى النبوة ، فإنه مجنون ، وربما قالوا ساحر ، وربما قالوا شاعر ، وربما قالوا كاهن ، وسموا المقتسمين ؛ لأنهم اقتسموا هذه الطرق ، هذا أحد القولين .
والقول الثاني:وهو ما نميل إليه هو قول قتادة:إنهم كفار قريش ، قسموا كتاب الله فجعلوا بعضه شعرا ، وبعضه سحرا ، وبعضه كهانة ، وبعضه أساطير الأولين ، وهم بذلك قد قسموا كتاب الله تعالى وفرقوه .
وإني أميل إلى هذا ؛ لأنه يتفق مع بيان القرآن لهؤلاء المقتسمين ، فقد قال تعالى في تعريفهم:{ الذين جعلوا القرآن عضين ( 91 )} .