التشبيه الذي أفاده الكاف تشبيه بالذي أنزل على المقتسمين .
و ( ما ) موصولة أو مصدرية ،وهي المشبه به .
وأما المشبه فيجوز أن يكون الإيتاءَ المأخوذ من فعل{ آتيناك سبعاً من المثاني}[ سورة الحجر: 87] ،أي إيتاء كالذي أنزلنا أو كإنزالنا على المقتسمين .شُبّه إيتاء بعض القرآن للنبيء بما أنزل عليه في شأن المقتسمين ،أي أنزلناه على رسل المقتسمين بحسب التفسيرين الآتيين في معنى{ المقتسمين} .
ويجوز أن يكون المشبّهُ الإنذارَ المأخوذَ من قوله تعالى:{ إني أنا النذير المبين}[ سورة الحجر: 89] ،أي الإنذار بالعقاب من قوله تعالى:{ فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون}[ سورة الحجر: 92 93] .
وأسلوب الكلام على هذين الوجهين أسلوب تخلّص من تسلية النبي إلى وعيد المشركين الطاعنين في القرآن بأنهم سيحاسبون على مطاعنهم .
وهو إما وعيد صريح إن أريد بالمقتسمين نفسُ المراد من الضميرين في قوله تعالى:{ أزواجاً منهم ولا تحزن عليهم}[ سورة الحجر: 88] .
وحرف{ على} هنا بمعنى لام التّعليل كما في قوله تعالى:{ ولتكبروا الله على ما هداكم}[ سورة البقرة: 185] وقوله:{ فكلوا مما أمسكن عليكم}[ سورة المائدة: 4] ،وقول علقمة بن شيبان من بني تيم الله بن ثعلبة:
ونطاعن الأعداء عن أبنائنا *** وعلى بصائرنا وإن لم نُبصر
ولفظ{ المقتسمين} افتعال من قَسم إذا جَعل شيئاً أقساماً .وصيغة الافتعال هنا تقتضي تكلف الفعل .
والمقتسمون يجوز أن يراد بهم جمع من المشركين من قريش وهم ستّة عشر رجلاً ،سنذكر أسماءهم ،فيكون المراد بالقرآن مسمى هذا الاسم العَلَم ،وهو كتاب الإسلام .
ويجوز أن يراد بهم طوائف أهل الكتاب قَسّموا كتابهم أقساماً ،منها ما أظهروه ومنها ما أنسوه ،فيكون القرآن مصدراً أطلق بمعناه اللغوي ،أي المقروء من كتبهم ؛أو قسّموا كتاب الإسلام ،منه ما صدّقوا به وهو ما وافق دينهم ،ومنه ما كذّبوا به وهو ما خالف ما هم عليه .