وقد ذكر سبحانه الطب لهذا القلق النفسي كما أشار إلى جزاء ما يقولون وما يفعلون ، والطب الذي ذكره الله تعالى هو طب النفوس القلقة وهذا الطب هو الاتجاه إلى الله تعالى وتقديسه والركون إليه ، والخضوع له ؛ ولذا قال:{ فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين ( 98 ) واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ( 99 )} .
( الفاء ) هنا تفصح عن شرط مقدر ، أي إذا كان قد أصابك قلق النفس فعالجه:{ فسبح بحمد ربك} ، أي فانزع إلى الله ، واركن إليه بالتسبيح والحمد ، فإن ذلك في ذاته كشف للكرب من جوانب الدنيا ، وهو في الوقت ذاته شعور بأن ما ينال صاحب الرسالة من أذى إنما هو لله وللقيام بحقه ، وذلك ذاته تسبيح أي تسبيح وحمد لله أي حمد .
وعبر سبحانه بقوله:{ بحمد ربك} للإشارة إلى أن ربك الذي حماك ويكلؤك ، فإن كان منك قلق ، فلن يكون منهم أذى لك في قابل أمرك ، إنما هو أخذ بالغلب أو أخذهم أخذ عزيز مقتدر .
{ وكن من الساجدين} ، أي استمر في خضوعك لرب العالمين ، والسجود هنا إما أن نقول:إن معناه الخضوع المطلق لله تعالى ، فالخضوع له وذكره هو اطمئنان القلوب ، وقد قال تعالى:{. . .ألا بذكر الله تطمئن القلوب ( 28 )} [ الرعد] أو نقول:إنه سجود الصلاة ، ويكون المعنى كن مستمرا في صلاتك ، ففي الصلاة تفريج الكروب ، وذهاب الأحزان ، والانصراف عن الهموم ، وفي الأثر:كان الني صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة ، ولقد روى أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أقرب ما يكون العبد إلى ربه وهو ساجد فأخلصوا الدعاء".