ولقد واسى الله تعالى رسوله ، فقال:{ ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون ( 97 )} .
إن محمدا صلى الله عليه وسلم بشر من البشر ، قد كان يسمع باطلا ، ويؤذى بالقول والاستهزاء ، ويرمى عليه فرث جزور ، فتنحى الفتاة الطاهرة فاطمة التي صارت سيدة نساء المؤمنين ، فلا يتبرم بها ، ويستمر طليق الوجه ولكم صدره يضيق حرجا ، والرجل الكامل وخصوصا أعظم الدعاة الحق يضيق صدره ، ولا يتغير قوله أو عمله ، ولقد قرر الله تعالى خالق الخلق ذلك فقال:{ ولقد نعلم انك يضيق صدرك بما يقولون ( 97 )} عبر سبحانه عن ألم النفس ، وضيقها بضيق الصدر كأن الصدر أصبح لا يتسع لمثل هذا القول الذي كانوا يقولونه من قولهم ساحر ، ومن قولهم مجنون ، ومن قولهم في القرن إنه شعر ، وإنه أساطير الأولين ، ومن طلبهم خوارق غير القرآن ، ومن عبادتهم الأوثان .
وقد أكد الله تعالى علمه بذلك ب ( اللام ) وب ( قد ) ، وإن تأكيد علم الله بما يضيق به صدر نبيه الأمين تسرية لنفسه ، وفيه كمال معاونته ، وفيه مع كل هذا ما يفيد الإنذار للمشركين على ما يقولون ويفعلون ويعتقدون ، فما دام علم ثانيا ، فإنه يحق الحق ، ويبطل الباطل ، ويجزى كلا بما يفعل ، وهو القوي المتين .