{وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ} كأيّ إنسان يتأثر بالكلمة السيئة التي توجه إليه ،وبالموقف الشرير الذي يتحدى الخير فيه ،وبالمشاكل الصعبة التي تعترضه ،ما يجعل الإنسان محاصراً بالتحديات من كل جهة ،فيضيق صدره ،وتثور مشاعره ،وتتوتر أعصابه ،إنها الحالة الطبيعية التي تحدث لكل بشر ،والنبي بشر ،ينفعل بما ينفعل به الآخرون ،ولكن الفرق بينه وبينهم ،هو أن الانفعال ينطلق في حياته من قاعدة الرسالة ،بينما ينطلق في حياة الكثيرين من موقع الذات ،وهذا ما يجعل من انفعاله في مواجهة التحديات ،عنصراً رسالياً لا ينتج حالةً سلبيّةً في مستوى العقدة ،بل ينتج حالةً روحيّةً مبتهلةً إلى الله ،في مستوى الموقف ،ولهذا رأينا الرسول ،في المواقف الصعبة التي يضغط فيها أعداء الله عليه بالكلمة والموقف ،يلجأ إلى الله في ابتهال المتضرع ،وخشوع الخاضع ،الذي يرجع إلى ربّه ،ليستعين به على ذلك كله ،