لما كان الوعيد مؤذناً بإمهالهم قليلاً كما قال تعالى:{ ومهّلهم قليلا}[ سورة المزمل: 11] كما دلّ عليه حرف التنفيس في قوله تعالى:{ فسوف يعلمون}[ سورة الحجر: 96] طمأن الله نبيه بأنه مطّلع على تحرّجه من أذاهم وبهتانهم من أقوال الشرك وأقوال الاستهزاء فأمره بالثبات والتفويض إلى ربّه لأن الحكمة في إمهالهم ،ولذلك افتتحت الجملة بلام القسم وحرف التحقيق .
وليس المخاطب ممن يداخله الشكّ في خبر الله تعالى ولكن التحقيق كناية عن الاهتمام بالمخبر وأنه بمحل العناية من الله ؛فالجملة معطوفة على جملة{ إنا كفيناك المستهزئين}[ سورة الحجر: 95] أو حال .
وضيق الصدر: مجاز عن كدر النفس .وقد تقدّم في قوله تعالى:{ وضائق به صدرك} في سورة هود ( 12 ) .
وفرع على جملة{ ولقد نعلم} أمره بتسبيح الله تعالى وتنزيهه عمّا يقولونه من نسبة الشريك ،أي عليك بتنزيه ربّك فلا يضرّك شركهم .على أن التسبيح قد يستعمل في معناه الكنائي مع معناه الأصلي فيفيد الإنكار على المشركين فيما يقولون ،أي فاقتصر في دفعهم على إنكار كلامهم .وهذا مثل قوله تعالى:{ قل سبحان ربي هل كنت إلا بشراً رسولاً}[ سورة الإسراء: 93] .