{فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} وأخلص له ،وافتح قلبك لآياته ،وعش في رحابه ،فستجد كل الحنان والرحمة والعطف واللطف ،الذي يرفعك إلى الآفاق الروحية العليا ،حيث ينفتح لك ألف أفقٍ وأفقٍ من السماوات المليئة بالأمل الكبير في نصر الرسالة على خصومها ،وانفتاح الدرب للسائرين على هداك ،الحالمين بالجنة الخضراء في ظلال الله ،{وَكُنْ مِّنَ السَّاجِدِينَ} الذين تتحول حياتهم كلها إلى سجود لله بالوجه والفكر والقلب والحياة ،فلا خضوع إلا لله ،ولا فكر إلا من خلال وحيه ،ولا عاطفة إلا في آفاق رضاه ،ولا حركة للحياة إلا في الاتجاه الذي يرعاه دينه ،وتخطط له شريعته .إنه السجود الكوني الذي يتّحد فيه الإنسان مع السماء والأرض والشمس والقمر والنجوم ،والبحار والأنهار والطيور والحيوان والنبات ،وكل الموجودات التي تسجد له ،من خلال حركة الإبداع في عمق وجودها ،ومظهر الحق والجمال في ذاك الوجود ،الذي يتحول إلى تسبيح بحمده ،{وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [ الإسراء: 44] .لأن للتسبيح لغة تتنوع حسب تنوّع مظاهر الوجود في الكون ،كما أن للسجود معنىً ،يختلف حسب اختلاف عمق الخضوع لله في الوجود .