وإن الله تعالى يحاسب القلوب في خيرها لحبه المغفرة ، ولإرادته الرحمة ، ولعدله ، ولكيلا يتساوى المحسن والمسئ ؛ ولذا قال عز من قائل:
{ والله يعلم ما تسرون وما تعلنون ( 19 )} .
هذه العبارة فيها تهديد لأهل الشرك ، وتقريب لأهل الإيمان ، فهو يحاسبكم سبحانه على ما تعلنون من أعمال ، وما تسرون من عقائد ونيات يصحبها عمل ، فإن اتجهتم إلى شكر الخالق بعد الإشراك به والإحساس بنعمه فإنه غافر لكم ما ترتكبون و تتوبون عنه إذا تبتم عن قريب ، وإن أسررتم الخير ونويتموه ، وهممتم أن تفعلوه فإنه غافر لكم ، لأن الحسنات يذهبن السيئات ، وبالنسبة للشر لا تحاسبون إلا بما تفعلون ، وما تعتقدونه من شرك وعبادة غيره ، كما قال تعالى:{ إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء . . .( 116 )} [ النساء] ؛ لأن الغفران لا يكون إلا في دائرة الإيمان بألوهية الله تعالى وحده ، فمن آمن بالله وحده ، كان جديرا بنعمة الغفران ، ومن أشرك بالله غيره ، فإنه ليس بجدير ، والله بكل شيء محيط .