مع كل هذا أشركوا بالله ، واتبعوا الباطل وكفروا بالحق ، فقال تعالى:{. . .أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون ( 67 )} [ العنكبوت] ، الفاء للإفصاح عن شرط مقدر وتقديم ( بالباطل ) على الفعل للإشارة إلى أنهم لا يؤمنون إلا بالباطل ، ولا يؤمنون بحق قط ، وبنعمة الله نعمة الإيجاد والرزق يكفرون ولا يشكرون ، وأكد سبحانه كفرهم بالنعمة بتقديم النعمة على الفعل ، وبالضمير{ هم} وبالجملة الاسمية .
قال تعالى في توضيح باطلهم:{ ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السموات والأرض شيئا ولا يستطيعون ( 73 )} هذا باطلهم وهو أوضح آمنوا به يعبدون غير الله من دونه وهو إشارة إلى مقام معبودهم من الله تعالى ما لا يملك لهم رزقا في السموات والأرض فلا يملك في السماء مطرا يحيى به الأرض بعد موتها ، ولا في الأرض نباتا يأكل منه الإنسان والحيوان ، ولا النعم الذي تكون في الأرض ، ولا الثمرات التي تثمرها الغراس والأشجار ، و{ ولا يستطيعون} ، أي لا تستطيع تلك المعبودات المزعومة أن تأتي بشيء من هذا ، ولكنه ضلال العقل والوهم الذي يسيطر ، وأعيد الضمير لمن يعقل تهكما بهم وعلى زعمهم ، إذ يعبدونهم .
و{ شيئا} مفعول مطلق ، أي أي رزق كان ولو رزقا قليلا ، لأنه حجر لا يقدر على شيء وليس فيه حياة فكيف يعبده حي ؟ ! ويصح أن يكون في معنى الصفة لرزق ، أي لا يملكون في السموات والأرض شيئا أي:أي قدر كان .