{ كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها ( 38 )} .
الإشارة إلى المذكور قريبا هو المشي مختالا مرحا معجبا بنفسه ،{ سيئه} يقرأ بالضمير أي يسوء في ذات نفسه ويسئ لغيره وهو عند الله مكروه مبغوض ، فيلتقى فيه أمران مذمومان:
الأمر الأول:أنه في ذاته عمل سيء ويسوء الناس .
والأمر الثاني:وهو الأهم:مكروه مبغوض عند الله تعالى .
إن الكبر ينبعث من إحساس بأنه أوتى ما لم يؤت غيره .
وإننا نشاهد ذلك في بعض المنتسبين للعلم ، إذ أعطوا لأنفسهم مكانا ليس لهم أو اتصلوا بالحكام الظالمين ، وقد رأينا ذلك في عصرنا ، ورأيناه يذكر عمن كانوا قبلنا ، قال الناصر أحمد الذي مات في القرن السابع ، فقد قال في قوله تعالى:{ ولا تمش في الأرض مرحا}:وفي هذا من التهكم والتقريع لمن يمشي هذه المشية كفاية في الزجر عنها ، وقد حفظ الله عوام زماننا عن هذه المشية ، وتورط فيها بعض قراؤنا وفقهاؤنا ، فبينما أحدهم قد عرف مائتين أو أجلس بين يديه طالبين ، أو شد طرفا من رياسة الدنيا ، إذ هو يتبختر في مشيته ، ويترفع ولا يرى أنه يطاول الجبال ، ولكن يحك بيافوخه عنان السماء ، والله ولي التوفيق: