وقال تعالى ردا لتعجبهم:
{ قل كونوا حجارة أو حديدا ( 50 ) أو خلقا مما يكبر في صدوركم فسيقولون من يعبدنا قل الذي فطركم أول مرة فسينغصون إليك رءوسهم ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا ( 51 )} .
قالوا في مثلهم الذي ضربوه:{ أئذا كنا عظاما ورفاتا إنا لمبعوثون خلقا جديدا} ، هذا مثلهم الذي ضربوه ناسين حقائق الوجود وحقيقة نشأتهم كما قال تعالى:{ وضرب لنا مثلا ونسي خلقه . . .( 78 )} [ يس] ،{ وقالوا أئذا كنا عظانا ورفاتا . . .} أنبعث بعدها ؟ فأمر الله تعالى نبيه{ قل كونوا حجارة أو حديدا ( 50 )} و{ كونوا} هنا من معنى كنا ، أي أئذا صرنا عظاما ورفاتا فيكون المعنى صيروا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم ، أي إنكم تعودون لا محالة ، ولو صرتم حجارة أو حديدا فالله على ذلك قادر ، ولا يعجز .
ولنا في هذه الآية الكريمة نظران غير متباينين:
النظر الأول:أنه يشير سبحانه إلى أنه لا يعجز عن الحجارة والحديد ، ومما يكبر في صدوركم أي في قلوبكم فتأخذكم به رهبتكم ، وإذا كان الله تعالى لا يعجز عن أن يوجد الحياة في حجارة أو حديد ، أو نحو ذلك فأولى أن يعيد الحياة فيكم ، وقد كنت من قبل ؛ فالإعادة أسهل من الإنشاء في نظر الإنسان وإن كانت كلها عند الله سواء ، هذا هو النظر الأول .
أما النظر الثاني:فهو أن المعنى صيروا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم وادخلوا في أجزائها وكونوا في صلابتها ، وتظنون أنه يصعب استخلاصكم منها فإنه سيعيدكم كاملي الأجسام منها ، ويقوى هذا قوله تعالى:{ فسيقولون من يعيدنا . . .} إلى آخر الآية الكريم .