وقد بين الله تعالى ما يثير استغرابهم فقال سبحانه:{ فسيقولون} الفاء هنا للإفصاح عن شرط مقدر ، أي إذا كنا حجارة أو حديدا . . .فقد أمر الله تعالى نبيه أن يقول لهم:{ قل الذي فطركم أو مرة} ، أي الذي أنشأكم النشأة الأولى وهي الفطرة أول مرة ، وإذا كان أنشأ هذا الإنسان الأول فهو على الإعادة أقدر ، كما جاء في سورة "يس"{. . .قال من يحيي العظام وهي رميم ( 78 ) قل يحييها الذي أنشأها أول مرة . . .( 79 )} وبعد أن رد عليهم ذلك الرد المقنع لمن يتدرن قلبه بالشرك ويتعصب له ويعاند فيه ، فإنهم يستمرون في عجبهم واستغرابهم ، ولذا قال الله تعالى عنهم:{ فسينغضون إليك رءوسهم} ويقولون في تحد جاهل{ متى هو} .
والإنغاض تحرك الرأس من أعلى إلى أسفل ، ومن أسفل إلى أعلى استغرابا وتعجبا فما زادهم الدليل إلا إيغالا في الاستغراب وما زادهم الحق إلا ضلالا ، والفاء في{ فسينغضون} لترتيب ما بعدها على ما قبلها ، أي ترتب على بيان الحق أنم استهزءوا وتهكموا ، وهؤلاء لا يجدي معهم الدليل ولا يزيدهم إلا خسارا ، ويقولون متحدين:{ متى هو} ، أي متى يكون أي يستعجلون تحديا وإمعانا في الكفر ، فأمر الله تعالى نبيه:{ قل عسى أن يكون قريبا} ، أي أنه يرجى أن يكون قريبا .
ونرى في هذه الآيات وما قبلها يأمر الله تعالى نبيه أن يتولى المجاوبة معهم ؛ لأنه الداعي إلى الحق المبلغ عن الله تعالى الهادي المرشد .