( أو خلقا مما يكبر في صدوركم ) أي السماوات والأرض والجبال ؛فهي خلائق عظيمة في نفوسهم يهابونها أشد المهابة .والمراد: أنكم تستعبدون وتكذبون أن يجدد الله خلقكم فيردكم إلى حال الحياة بعد ما أصبحتم عظاما نخرة ،فكونوا ما شئتم إن استطعتم ؛فإن الله محييكم وباعثكم خلقا جديدا يوم القيامة .قوله: ( فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة ) سيقول المشركون المكذبون: من ذا الذي يعيدنا خلقا جديدا بعد أن كنا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدورنا ؟فقل لهم يا محمد: يعيدكم الذي فطركم أول مرة ؛إذ لم تكونوا شيئا ؛فالله الخالق القادر لا يعز عليه أن يصنع ما يشاء .
قوله: ( فسينغضون إليك رؤوسهم ) أي يحركون رؤوسهم استهزاء مما سمعوه منك .أنغض رأسه ؛أي حركه كالمتعجب من الشيء{[2695]} .أنغض رأسه ينغضه إنغاضا .والإنغاض هو التحرك من أسفل إلى أعلى أو من أعلى إلى أسفل .وذلك هو ديدن المرتابين الغواة في كل زمان .فدأبهم وديدنهم التكذيب مبادرين من غير روية ولا استبصار ولا إمعان .فما يلبثون أن يسمعوا كلمة الحق تصدر عن دعوة الإسلام حتى يبادروا التكذيب والصد وهم ينغضون رؤوسهم تهكما واستهزاءً .أولئك هم الضالون المضلون في كل زمان الذين أبوا إلا السقوط في الشقوة والتعس والعمه ليصيروا في الآخرة إلى جهنم .
قوله: ( ويقولون متى هو ) يسأل المشركون ،مرتابين مستبعدين قيام الساعة: متى البعث والمعاد ( قل عسى أن يكون قريبا ) أي يوم الساعة آت لا محالة .وكل ما هو آت قريب .