{ ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا ( 74 )} .
( لولا ) يقول علماء اللغة أن ( لولا ) حرف امتناع لوجود ، أي امتناع الجواب لوجوده ، أي امتنع أن تركن إليهم لوجود التثبيت ، أي أن إغراءهم لتعدل عن دعوتك دائم مستمر ، ولكن لا جدوى لأن تثبيت الله دائم مستمر .
وإن هذا يفيد أمورا ثلاثة:
الأمر الأول:تحريض النبي صلى الله عليه وسلم على الاستمرار على دعوته الحق غير مباليهم في شيء وأن يصر على قوله ، ولا يتهاون قيد أنمله فيما يدعو إليه .
الأمر الثاني:أن الله مؤيده في الحق وفي دعوة الحق المستمرة والله تعالى عاصمه منهم نفسيا وماديا ، فهم لا ينالون من جسمه ولا يمكن أن ينالوا من نفسه ، فالله معه ، وحامي الحق .
الأمر الثالث:أن إرادتك هدايتهم لا يصح أن يأتوك من قبلها .
وقد أكد الله تعالى أن إغراءهم من شأنه أن يميل إليهم ، ولكن محمدا في عصمة ربه وتثبيته ، والله تعالى يثبت القلوب كما يثبت الألسنة:{ يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء ( 27 )} [ إبراهيم] .
ويقول:{ لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا} .
أكد سبحانه أنه كاد يميل إليهم ، وكان التأكيد باللام وبقد ، ولكنه وصف الكيدودة بأنها شيء قليل لم تمل معه النفس ، وكان تأكيد الميل لقوة الإغراء وقوة ما يحاولون أن يميل قلب النبي صلى الله عليه وسلم ، و{ تركن} معناه تميل ، ولم تكن استجابة ولكن مظنة الاستجابة لولا عصمة الله تعالى .